التفاعل الأدبی العربی والإیرانی

مقاربة للسیرة والمسیرة / موسى بیدج

مقاربة للسیرة والمسیرة / موسى بیدج
فی بلدنا إیران، هناک أثنا عشر مترجماً للأدب العربی, و تشیر الإحصاءات الموجودة فی مجال الترجمة من اللغة العربیة إلى اللغة الفارسیة أن حصة الأدب من الترجمات العربیة هی اثنان فی المائة فقط، و تشکل الفروع الأخرى نسبة 98 بالمائة و تنقسم فیما بینها إلى ترجمات فی علم الکلام, الفلسفة، الحدیث, التاریخ, التفسیر, اللغة و القواعد الصرفیة و النحو.
سه‌شنبه ۱۲ اسفند ۱۳۹۹ - ۱۲:۰۶
کد خبر :  ۱۳۷۵۳۳

 

 

 

 


العرب و الإیرانیون قد أثروا و تأثروا ببعضهم بعضا منذ القدم. فهم یشترکون فی التاریخ و الجغرافیة و الدین و الثقافة و الکثیر من العادات والتقالید و القیم السائدة ما عدا اللغة التی استوجبت الترجمة للتواصل الثقافی فیما بینهما فی غضون القرنین الماضیین.
ومع تطور التقنیة, اتسعت قنوات الاتصال بین الشعوب فی العالم, و الترجمة باعتبارها إحدى أهم قنوات التواصل الثقافی، اتسعت رقعتها بین الشعوب العالمیة, و لکن هذه القناة المهمة بین العرب و الإیرانیین، لم تواکب الحدث و لم ترتفع للمستوى المطلوب لتأدیة دورها الحضاری و مثال واحد یکفی کی نزیح الستار عن هذا الضمور الثقافی بین الشعبین العربی و الإیرانی فی مجال الترجمة الأدبیة.
یشیر ابن الندیم فی الفهرست إلى مشاهیر المترجمین فی زمانه ویذکر لنا أسماء مثل عبد الله بن المقفع, البلاذری, أل نوبخت علی بن سهل, جبلة بن سالم, محمد بن الجهم البرمکی, موسى بن عیسى الکردی، زادویه بن شاهویه الأصفهانی، إسحاق بن یزید, هشام بن القاسم, محمد بن بهرام بن مهیار الأصفهانی, بهرام بن مهران شاه، عمر بن الفرخان و غیرهم.
کما یشیر ابن الندیم إلى أکثر من مائة کتاب و رسالة قد ترجمت من الفارسیة إلى العربیة. کان هذا قبل ألف عام, و الآن مع تطور الاتصالات و التقارب فی الزمان و المکان، ما زلنا نفتقر لهذا الکم من الکتب المعربة و هذا العدد من المترجمین.
طبعاً یجب أن نعترف بأن البعض من المهتمین بالترجمة و النقل بین اللغات الفارسیة و العربیة، بذلوا الجهد الجهید لیرفعوا من مستوى هذا التفاعل والتمازج الحضاری الذی یساعدنا فی تأسیس الهویة الموحدة اللائقة بمصیرنا المشترک فی معترک الحیاة الملیئة بالأحداث والتحدیات فی العالم. وأذکر من هؤلاء عبد الوهاب عزام, یحیى الخشاب, إبراهیم الشواربی, غنیمی هلال, عبد الحمید بدوی, محمد عبد المنعم, الدسوقی شتا, وصلاح الصاوی فی مصر ومحمد الفراتی، و محمد التونجی، و عیسى العاکوب من سوریا و حسین البکار من الأردن, و أسماء أخرى لا تسعنی الذاکرة لأشیر لها.
و طبعاً لا تدخل رباعیات الخیام فی هذا المضمار، لأنها قد ترجمت إلى العربیة _کما یقال _ أکثر من خمسین مرة، و تمت الترجمة فی بعض الأحیان من قبل کبار الشعراء العرب من أمثال أحمد رامی, الصافی ألنجفی, الزهاوی, عبد القادر المازنی و إبراهیم العریض و آخرین.
و فی الفترة الراهنة, و على حد علمی, لا یوجد فی العالم العربی من یترجم من الفارسیة إلا بعض من یعدون بأصابع الید الواحدة و هذا ما معناه أن لکل أربعة أقطار عربیة یوجد مترجم واحد.
و فی بلدنا إیران، هناک أثنا عشر مترجماً للأدب العربی, و تشیر الإحصاءات الموجودة فی مجال الترجمة من اللغة العربیة إلى اللغة الفارسیة أن حصة الأدب من الترجمات العربیة هی اثنان فی المائة فقط، و تشکل الفروع الأخرى نسبة 98 بالمائة و تنقسم فیما بینها إلى ترجمات فی علم الکلام, الفلسفة، الحدیث, التاریخ, التفسیر, اللغة و القواعد الصرفیة و النحو. و تجدر الإشارة کذلک، أن الفکرة السائدة لدى الکثیر من الإیرانیین هی التی تربط بین من یجید العربیة بالقرآن و الحدیث و النصوص الدینیة، و کم من أناس یسألوننی فی المسائل الفقهیة و عندما أنوه لهم بأن مطالعتی تنحصر فی الأدب العربی، أرى إمارة الدهشة ترتسم على وجوههم و هؤلاء مازالوا یربطون اللغة العربیة بالتراث الدینی و بالماضی من الزمان.
ذکرت قبل قلیل، أن مترجمینا الناشطین فی مجال الأدب العربی لا یتجاوزون الأثنا عشر مترجماً. هؤلاء القلة و هم على مستویات متباینة کما و کیفا، ینقسمون إلى من یترجم الشعر و من ینقل النصوص النثریة و الروائیة.

یجب أن نعترف هنا بأن مترجمی الشعر العربی الحدیث هم أکثر نشاطاً من أقرانهم و الأسباب فی ذلک کثیرة وسألخص بعضها فی النقاط التالیة:
أولاً: أن اغلب المترجمین هم من الشعراء و بطبیعة الحال فهم یمیلون إلى الشعر أکثر من النثر
ثانیاً: ترجمة الأدب الروائی و القصص تحتاج إلى جهود مضنیة أکثر من الشعر و بالتالی تأخذ من المترجم زمناً أطول. و لأن غالبیة مترجمینا لدیهم أعباء مهنیة أخرى عدا الترجمة فإن عنصر الزمن یعیق التواصل فی هذا المجال.
ثالثا: فی الکثیر من الروایات و القصص العربیة, یأتی الحوار باللغة العربیة المحکیة المحلیة، و المترجم الذی تعلم اللغة الفصحى بعد کد و جهد، یرى نفسه فی ساحة حرب أخرى بعیدة کل البعد عن اللغة الفصحى التی تعلمها.
رابعا: یجب أن نضیف نقطة انبهار عالمنا الثالث بأدب الغرب لیکون دلیلاً رابعاً للتقلیل من الاهتمام بأدب الجوار.
خامسا: القیم السائدة فی المجتمع الإیرانی تمنع تلک النصوص الروائیة التی تستخدم الإثارة الجسدیة مادة لها و هذا الجانب یلغی طائفة لیست بالقلیلة من القصص العربیة کی تکون مادة للترجمة.
سادسا: العامل الآخر الذی یجب أن یضاف إلى أسباب الضمور فی ترجمة الروایة العربیة فی إیران, هو عدم اکتراث و اهتمام الکاتب و المؤسسات الثقافیة العربیة لهذا الأمر غیر المشجع للمترجمین للاستمرار فی هذا النشاط, فی حین نرى مؤسسات الأقطار الأخرى غیر العربیة تهتم بأمر من یترجمون من لغاتها.

و الآن, بعد هذه المسیرة, أصل إلى النقطة التی ترتبط بهذا المهرجان و هی إلقاء نظرة سریعة على قائمة ترجمة الروایة و القصة العربیة فی إیران.
بدأت نهضة الترجمة فی بلدنا منذ حوالی قرنین . تشیر الأرقام الموجودة للروایات المترجمة من اللغات العالمیة إلى الفارسیة إلى عدد الخمسة آلاف کتاب تشتمل على روایات و قصص قصیرة. کما و تشیر الأرقام إلى العدد الفقیر و هو أقل من مائة کتاب من الأدب القصصی العربی. إذاً حصة الترجمة من الأدب القصصی العربی فی إیران هی اثنان فی المائة فقط.
و فی الواقع، فإن القصص و الروایات المترجمة هذه تتبع رغبات المجتمع فی الآونة التی تترجم و تطبع فیها. مثلاً فی النصف الأول من القرن المنصرم کان المتلقی یرغب فی قراءة جرجی زیدان فترجمت أعماله و هی روایات تاریخیة إلى الفارسیة و رصیدنا منها الان هو خمس وعشرون کتاباً من أعماله.
و فی مرحلة أخرى، حیث غیرت الریاح و الأحداث أجواء المجتمع فصار المتلقی یحبذ أعمالا أخرى من مثل کتابات غسان کنفانی ذات الطابع الثوری و النضالی. فترجمت له أعمال تفوق العشرون کتابا.
وفی المرحلة الراهنة، حیث یسود الحس ألعرفانی على قطاع واسع من المجتمع الثقافی، نرى أعمال جبران خلیل جبران و خاصة کتابه النبی المترجم من قبل خمسة عشر مترجما, تصل إلى الطبعة الثلاثین.
و کذلک أعمال نجیب محفوظ، فقد طبعت منها حوالی عشرة کتب. و أنا أحصرها فی سببین مهمین أدت إلى اهتمام المتلقی الإیرانی بمحفوظ و هما أولاً الطابع الشرقی الملموس عند نجیب. و الثانی هو فوزه بنوبل للآداب. مع هذا فأن الأعمال المترجمة لنجیب محفوظ لیست أعماله الکبیرة وما عدا کتابیه "اللص والکلاب و زقاق المدق" فالبقیة الباقیة لا تزید من شأن هذا الکاتب الکبیر.
قلت لکم بأن الکتب الروائیة المترجمة من العربیة إلى الفارسیة لا تتجاوز المائة کتاب وهذه الشخصیات الأربعة قد استحوذت على القائمة بثمانین کتابمنها. والبقیة الباقیة کالآتی: إحسان عبد القدوس کتاب واحد, طه حسین کتابان، توفیق الحکیم کتابان, الطیب صالح کتاب واحد, وحنا مینا کتاب واحد, نجیب الکیلانی کتاب واحد، و فاطمة العلی کتاب واحد أیضا. وقد ترجم صدیقی الأستاذ سمیر أرشدی مجموعة قصصیة للکاتبة لیلى محمد صالح و هی تحت الطبع فی إیران وشکرا.

ورقة شارک بها الکاتب فی مؤتمر الروایة العربیة 13-15 کانون الأول 2004 فی الکویت.

 

 

ارسال نظر