فی یوم تخلید ذکراها

بروین اعتصامی.. شاعرة الإبـــداع

بروین اعتصامی.. شاعرة الإبـــداع
شهدت إیران فی مطلع القرن الحالی حرکة نسائیة نشطة، و برزت من خلالها أسماء کثیرة فی عالم النضال والجهاد من أجل حریة المرأة وضرورة مشارکتها الرجل فی حمل أعباء الحیاة الاجتماعیة والثقافیة .
چهارشنبه ۲۵ اسفند ۱۴۰۰ - ۱۳:۰۲
کد خبر :  ۱۵۶۱۶۹

 

 

 

 

 

 

وإنعکس هذا التوجه من قبل الحرکة النسائیة الإیرانیة فی عالم الأدب والثقافة، إذ حملت بعض هؤلاء النسوة أقلامهن، ودافعن بها عن آرائهن وأفکارهن، ویأتی فی مقدمة هذا البعض الشاعرة الإیرانیة "بروین اعتصامی"، کخیر مثال عن نساء العصر الحدیث فی الأدب.

ظن الکثیرون، أن بروین رجل (بالاستناد إلى أشعارها)، ولیست إمرأة، ولکنها ردت علیهم فی شعرها فقالت:

یجب أن یصفو القلب / أن ینقى من غبار الفکر المنحرف

ولیعلم الشیطان أن المرآة/ لیست للعب

من ظن بروین من بعض أهل الفضل/ وحل اللغز أفضل نقول: إن بروین لیست رجلا.

ونشرت بروین أول طبعة لدیوانها عام 1935، و کان یحتوی على (5000) بیت، مع  مقدمة أدبیة رائعة، کتبها ملک الشعراء "بهار"، و قد ضمن فیها رأیه فی شاعرة العصر، فجعلها فی صفوف الشعراء الإیرانیین الأوائل. 

وجدیر بالذکر، أن بروین بدأت نظم الشعر فی سن مبکر، کان والدها یصحح لها شعرها، وینشره فی مجلة "بهار" (الربیع) بالکردیة والفارسیة.

یرى ملک الشعراء، أن شعر بروین، یمکن مقارنته بشعر سالار الشیرازی فی ملامحه الأخلاقیة و التربویة، و کذلک بشعر غویر الانجلیزی، و الشاعر الإیرانی القدیم، ابن یمین م 770.

وبعد وفاتها بشهور، قام أخوها، أبو الفضل اعتصامی بإعادة نشر دیوانها مع إضافة (58) قصیدة، لم تنشر من قبل أشعار بروین  تفیض بالمشاعر الجیاشة المتدفقة بخصوبة غریبة، وهی زاخرة بمعانی الشفافیة والرقة وصدق المقاصد والرومانسیة الحزینة الهادئة، ویتجلى الحزن الشفیف بخاصة فی قصیدتها (الطفل الیتیم)، إذ أنها تعبر عن حالتها الحزینة بعدم رؤیتها لوالدتها و حرمانها من حنانها و عطفها تقول الشاعرة:

أشیاء رأیتها ولم أحبها /لم أر وجه أمی أبدا

والطفل الیتیم عیونه لیست فرحة / کم جمیل نور وجه الأمهات

لکن لماذا لا أرى نورا أمامی

وکانت تنظم القطع والقصائد والمثنویات على العروض العربی، إلا أنها کانت تحاول نظم قصائد القوافی، أو تنظم  قطعا مدورة، فتبدو وکأنها قطع نثریة موزونة، واتسم أسلوبها بالوضوح مع رصانة شعراء القرنین الخامس والسادس (بالنسبة للفرس)، ولا سیما أسلوب (ناصر خسرو)، وأکثرت من التمثل بالمواعظ و الحکم و الفکر العمیق، وعنیت بالمناظرات والحوارات فی شعرها لجذب القارئ ودفعه إلى متابعة قراءته. 

ولعل هذا الحب، یرجع أیضا إلى طابع قصائدها القصصی والعاطفی والوعظی المعبر عن الحکایات والأخبار إلى درجة، اعتبرها البعض بـ (لافونتین) عصرها، وقد أحب الناس شعرها، لطهارة قلبها، وصدق أحاسیسها، ودفء مشاعرها.

دافعت بروین فی شعرها عن المظلوم والفقیر، وحاربت الظلم والقهر، وکانت بحق شاعرة متعددة الاهتمامات والأغراض الشعریة، وذلک من خلال قصائدها وموضوعاتها الشعریة، جعل منها اسما لا معا فی سماء الشعر و الإنسانیة، لیس فی إیران و حسب، و إنما  فی العالم أجمع.

یمکن القول أن بروین، کانت رمزا للمرأة الحرّة المثقفة الواعیة، والجریئة القادرة على تجسید معاناتها الفردیة، ومعاناة مجتمعها فی شکل إبداعی جمالی متمیز.

ارسال نظر