قصة قصیرة

صوفیا لورین / سید مهدی شجاعی

صوفیا لورین / سید مهدی شجاعی
من موالید سنة 1960م فی طهران. درس فروع الأدب والحقوق والعلوم السیاسیة، ومارس الکتابة القصصیة وکانت له أنشطته المتواصلة على الصعید الصحفی والنشر.
چهارشنبه ۱۷ آذر ۱۴۰۰ - ۰۹:۱۹
کد خبر :  ۱۵۴۲۵۸

 

 

 

 

 

 


أسس دار نیستان للنشر ویتولى حالیاً إدارتها. أنتج سیناریوات سینمائیة إلى جانب کتاباته القصصیة، وکانت له فی هذا المضمار عدة أعمال مشترکة مع المخرج الإیرانی المشهور مجید مجیدی. قدّم أیضاً عدة کتب أدبیة للأطفال والأحداث، ومن أنشطته البحثیة الإشراف على موسوعة الإمام الحسین(ع).
من بین إنجازاته الأدبیة یمکن الإشارة إلى: السفینة الراسیة، الأب والحب والابن، شمس خلف الحجاب، من دیار الحبیب، الشکوى الخضراء، عسى أن تأتی، أیدی الدعاء وعیون الأمل، و... ترجمت إحدى مجامیعه القصصیة إلى اللغة العربیة وصدرت عن اتحاد الکتاب العرب فی دمشق.

 

 


صوفیا لورین

سید مهدی شجاعی

تعریب: حیدر نجف

کتبت هذه القصة عام 1977م!

 


سألها حینما کانت تشعر أنها فائقة الجمال:
ـ عذراً سیدتی، ألستِ "شارون استون"؟
قالت المرأة بدلال: لا... ولکن...
قال الرجل قبل أن تتم کلامها: نعم، کنتُ أظن ذلک، لأن... وقطعت المرأة کلامه هذه المرة: لکن الکل یقولون إنی أشبهها جداً، صحیح؟
قال الرجل بحزم: لا، الکل مخطئون، لأن شارون استون امرأة جمیلة. أما أنت فلست جمیلة. لهذا أتصور أنک لا یمکن أن تکونی "شارون استون".
شعرت المرأة بالإحباط، فصرخت بغضب: عدیم الشرف، ألیس لک أمٌّ أو أخوات تخشى على عرضهن؟
أجاب الرجل بهدوء: بلى، لکن أیّاً منهن لا تتصور نفسها شبیهة بشارون استون.
قالت المرأة دون أن تفارقها نبرة التحدی والغضب: ثم ماذا؟
قال الرجل: کنتِ تظنین أنک تشبهین شارون استون لذلک أردتُ أن أخرجک من هذا الوهم.
تصاعد الغضب أکثر: اذهب واخرج أمک من هذا الوهم.
عاود الرجل ایضاحاته بکل برود: لکننی ذکرت لکِ أن والدتی لا تظن بنفسها مثل هذه الظنون. أما أنت فلأنک تظنین بنفسکِ...
صرخت المرأة: وما شأنک أنت بالذی أظنه ولا أظنه؟!
ورفعت حقیبتها لتضرب الرجل.
تراجع خطوات إلى الوراء وأراد مواصلة طریقه.
لکن المرأة لم تترکه. واجتمع حولهما ثلاثة أو اربعة رجال کانوا یمرون من هناک، لکنهم فضّلوا أن یستمر الشجار. قال أحدهم للرجل: إلى أین؟ انتظر حتى نرى ما الموضوع.
وقال آخر: هذا مستبعد منک یا رجل، یبدو علیک أنک انسان محترم ]وأشار إلى البذلة الأنیقة التی یرتدیها[.
وعلّق ثالث: هذه السیدة فی سن ابنتک، ألیس قبیحاً فعلک؟!
کانت المرأة تصرخ على الرجل وهو یبتعد عنها: تقول کل ما بدا لک ثم تذهب لحالک کأنک ثور... یا قذر.
*
فی المخفر قالت المرأة قبل أن یسأل الضابط شیئاً: حضرة الضابط، أنا شاکیة من هذا الرجل. لقد أهاننی.
التفت الضابط إلى الرجل الذی کان یصفف شعره الرمادی: صحیح؟
أجاب الرجل: لم أقل لها سوى إنکِ لا تشبهین "شارون استون". إذا کانت هذه إهانة، نعم، لقد أهنتها.
نظر الضابط للمرأة بحیرة.
أبعدت المرأة خمار راسها إلى الوراء بمقدار یمکِّن خصلات شعرها المواجة أن تحیط وجهها من الجانبین.
لم یستطع الضابط صرف نظره عن المرأة.
قالت المرأة: وما شأنه مَن أشبه أنا؟
عاد الضابط یقول للرجل: وما شأنک أنت مَن تشبه هذه المرأة؟
قال الرجل: هل أنت اکواین؟
قال الضابط: ماذا؟!
قال الرجل: أقصد هل أنت آمپلی فایر یکرر الصوت؟
قال الضابط: أجب عن سؤالی.
قال الرجل: أنا أعیش فی هذا المجتمع، کیف یمکننی أن لا أبالی لما یدور حولی؟ رأیت أمس عجوزاً تتصور أنها صوفیا لورین. أنفقتُ وقتاً طویلاً کی أقنعها أنها لیست کذلک. وأظن أنها لم تقتنع أخیراً. کنتُ یوم أمس فی المخفر رقم (13)، عند النقیب منوچهری، بسبب شکوى مماثلة.
استعدل الضابط فی جلسته فجأة، وبدت على ملامحه سیماء الفاتحین. أخرج قلماً من جیبه ورتب الأوراق الکبیرة أمامه: إذن، مضایقة النساء مهنتک الیومیة؟!
قال الرجل: لا، لیست یومیة، عند الحاجة فقط. أحیاناً قد یحدث هذا مرتین فی الیوم. ولیس النساء فقط. لدی مثل هذه المشکلة مع کثیر من الرجال أیضاً. بعضهم یتصور انه "مارلون براندو"، وبعضهم یظن انه "آرنولد". ثم إنها لیست مشکلة الشبه بالممثلین والممثلات فقط...
أخرجت المرأة مرآة صغیرة من حقیبتها وراحت تنظف بمندیل ورقی رذاذ الکحل تحت عینتها، ثم قالت وهی تعید المرآة لحقیبتها: معاکس محترف، وقعتَ فی الفخ هذه المرة.
قال الضابط: بسبب کفاءة الشرطة ومتابعة أفرادها وملاحقاتهم المجهدة.
سألت المرأة بذهول: نعم؟!
قال الضابط: بالطبع نحن نعتبرک أنتِ أیضاً واحدة منّا.
قالت المرأة بغنج: عجیب، أصبحنا أقارب قبل أن نشرب معکم حتى فنجان شای بارد؟!
تجاهل الضابط تعریض المرأة وصاح بأعلى صوته: آشتیانی، إإتنا بالشای.
فتح جندی باب الغرفة وضرب إحدى رجلیه بقوة إلى جانب الثانیة: نعم حضرة الضابط. وغادر.
قال الرجل: اسمع حضرة الضابط. أنا لست معاکساً محترفاً. ولم أکن هارباً حتى أقع فی الفخ. دفعت الضریبة کلّما نبهت أحداً لشیء، ودخلتُ معهم مخافر الشرطة. ولستُ الآن مطلوباً لأحد أی شیء.
قال الضابط بابتسامة ساخرة: باقی الأشیاء فی المحکمة.
ثم مدَّ ورقة أمام الرجل وهو یقول: املأ هذه الاستمارة.
کتب الرجل مواصفاته فی الاستمارة وأعادها للضابط، فأعطاها هذا للمرأة وقال: اکتبی أنت أیضاً مواصفاتک.
بینما کان آشتیانی یطرق الباب ویستأذن ویضرب إحدى رجلیه بجانب الأخرى ویضع فناجین الشای على الطاولة، سجلت المرأة ما طلب منها فی الاستمارة.
راجع الضابط الاستمارة بسرعة وسأل المرأة: هل هذا هاتف المنزل؟
قالت المرأة: نعم، إنه بیتی.
قال الضابط: سجلی رقم الهاتف الجوال لو أمکن. قد نحتاج إلیه ]قد یشکل البعض أن الهاتف الجوال لم یکن قد اخترع فی سنة 1977م. الإشکال صحیح. أضیف هذا الجزء إلى القصة لاحقاً[.
أرادت المرأة أن تستعید الاستمارة، لکن الضابط أعطاها ورقة صغیرة وقال: یکفی أن تسجلیه هنا.
قال الرجل: وهل یجب أن أعطیکم أنا أیضاً رقم هاتفی الجوار؟
تریث الضابط لحظة ثم قال: نعم أعطنا، لا بأس.
فقال الرجل: لکننی لا أملک هاتفاً جوالاً.
ضغط الضابط أسنانه على بعضها، لِمَ تسأل إذن؟
قال الرجل: أردت أن أعرف هل هناک مانع أن لا أملک هاتفاً جوالاً؟ الحقیقة أننی لا أعرف القوانین، لذلک...
قال الضابط: لا، لا مانع.
ثم سأل المرأة: ما هو سبب الشکوى؟
أجاب الرجل بدل المرأة: اکتب أننی اتهمتها بأناه لا تشبه شارون استون.
ثم سأل المرأة: إذا کنتُ قد وجهت لک إهانة أخرى، فاذکریها دون أیة مجاملة.
قالت المرأة: لکن هذا بحد ذاته نوع من المعاکسة.
قال الرجل: أما أنتِ فقلتِ لی: عدیم الشرف، قذر، ثور، وأشیاء أخرى سأذکرها فی شکوای لاحقاً.
فزعت المرأة وقالت: لکننی کنت غاضبة حینها.
وقالت للضابط بعد هنیئة: ماذا یجب أن نفعل الآن؟
قال الضابط: لقد اکتملت الإضبارة، سأبعثکما للمحکمة، وسیصدر القاضی حکمه هناک.
سأل الرجل: سیحکم هل تشبه شارون استون أم لا؟
وتابع مع نفسه: مهمة القاضی صعبة حقاً، إذا أراد دراسة الموضوع عن کثب.
قال الضابط: کلا، سیحکم حول إهانتک ومضایقتک الناس.
ثم نظر لساعته وقال: لقد انتهى الدوام الآن، ستبقى أنتَ اللیلة هنا لتذهب معها غداً للمحکمة.
قال الرجل للمرأة: الآن، حینما أدقق فی الأمر أکثر، أرى أنی جانبتُ الصواب بعض الشیء. لستِ عدیمة الشبه بشارون استون.
قالت المرأة: حقاً ما تقول؟!
قال الرجل: حق طبعاً، لماذا ذکرت إذن اسم شارون استون من بین کل الممثلات؟
قالت المرأة: الکثیرون یقولون لی هذا. أتمنى أن ألتقی یوماً بشارون استون لأرى ما تقول هی فی هذا الشبه.
قال الرجل: ستعترف بالشبه طبعاً.
قالت المرأة للضابط: أرید أن أسحب شکوای، لیس لدی الوقت للمحاکم والمشاکل. مزِّق هذه الورقة من فضلک.
قال الضابط: لا یمکن، لابد للقانون أن یأخذ مجراه.
سألت المرأة باستغراب: حینما أکون قد سحبت شکوای..؟!
قاطعها الضابط: صحیح، لکن للقانون مجراه وواجبه.
قال الرجل: لکن القانون یملک رقم هاتفها الجوال.
تجاهل الضابط قول الرجل وقال للمرأة: القضیة صعبة، لکننی سأعالجها بشکل من الأشکال.
نهض الرجل لینصرف. لکنه التفت قبل ذلک للضابط وقال: لدی سؤال ظل یخالجنی منذ أن دخلت للغرفة. هل یمکن أن أطرحه؟
قال الضابط وهو یمزق الاستمارة: ما هو؟
قال الرجل: أردت أن أسأل ألا تشبه أنت "شرلوک هولمز"؟

 

ارسال نظر