حلم «لفتة»
مریم صباغ زادة إیرانی
تعریب: زهراء یکانة
تعمل فی مرکز التنمیة الفکریة للأطفال و الناشئة و تتولى مسؤولیة قسم الإعلام فی هذا المرکز. صدر لها مجامیع قصصیة متعددة و منها: رسائل الریح، و الروایات السبعة، و فصل الفاصلة، و عبود، و لا تقبّلنی یا أبی، و...
کعادته کل یوم کان «لفتة» قد أرسی قاربه و ألقی شبکته فی الماء وجلس قبالة البحر لیقضی وقتًا طویلًا بانتظار النتیجة. کان یترنم وهو یتطلع إلى الأمواج الهادئة التی تتدحرج متقدمة نحو الساحل.
کانت الأمواج تهرع من أقاصی البحر برغوتها البیضاء لتتلاشی علی فسحة رمال الساحل وقد تقترب منه أحیانًا فتغسل قدمیه و تتراجع. برودة الماء اللطیفة کانت تدغدغ أصابع قدمی «لفتة». و لکن، ملوحة ماء البحر توخز جرحًا قدیمًا فی کعب قدمه فتشعره بحرقة ألیمة.
کان الجرح یکشف عن ثغره وکأنه سمکة فتحت فاها. مسح لفتة کعبه الجریح علی الرمال الناعمة فخفف قدرًا مما به من ألم وحرقة. عاد یحدق فی أمواج البحر الهادئة والمنتظمة فی تلک الصبیحة.
لفتت انتباهه بطّتان تقبلان نحوه و تفتحان جناحیهما جنبًا إلی جنب من الآفاق البعیدة. کانتا تثیران هیاجًا غریبًا فی کیان لفتة. فهبَّ من مکانه و ظلل عینیه بکفیه ثم أشاحت شبه إبتسامه تعاریج جبهته عندما راح یتصور برک تلک الناحیة و هی تکتظ جمیعها بعد عدّة أیام بهذه الطیور المهاجرة الغریبة. تذکّر أن موسم البرد قد اقترب.. إنها تأتی إلی هنا و تستقر فی هذه المنطقة و لو لفترة قصیرة. و تذکّر اضطرابًا عجیبا خیّم على حیاته. کانت «خیریة» منتهی طموحاته.. لطالما واصل حیاته فی ظل ذلک الحب المرّ من أساسه، حب رافقه ملتصقًا به ولکن، عن بعد ثم غاب على مرّ السنین الفائتة. لم یکن له من «خیریة» سوی صورة خیالیة عن فتاة ترتدی ثوبًا زاهیًا تنظر إلیه، من وراء خمار یغطّی وجهها، بنظرات التمنی. هذا ما کان لفتة واثقًا منه دون أن یعرف متی سوف ینتهی انتظاره.. هکذا کان یقضی أیام شبابه.
کان ضمن ما یحتفظ به فی ذاکرته من أقاویل الآخرین بأن قران خیریة ولفتة معقود فی کتاب القضاء والقدر و أن زواجهما متفق علیه ومفروغ منه و أن خیریة خطیبة لفتة. فلماذا لا یسمحون له لیقیم کوخًا جدیدًا و یأخذ بید خیریة و یأتی بها إلى کوخه؟!
کان قد قضی أیام شبابه شارد البال وها هو یرى خطین متوازیین یرتسمان بتوؤد على جبهته.. کأن ثعبانًا ثقیلًا یربض على صدره وبحرکاته یعلن عن نوایاه المزعجة.. لقد نفد صبره.. لا ینهی هذا الانتظار الممتد سوى موافقة والد خیریة الذی اشترط لذلک أن یقدّم لفتة عقدًا من اللؤلؤ إلی ابنته.
ألقی لفتة نظرة إلى البحر، ذلک البحر الممتد أمامه بخیل و خسیس، لا یعرف الرحمة و الشفقة. حیث صار یمنع عن الصیادین ما کانوا یکسبونه منه من رزق زهید لموائدهم. إنه بحر مرّ، بحر مالح، بحر اضطر لمماشاة تکالب المراکب التجاریة و سفن الصید العملاقه علیه.
کان لفتة، فی خضم تهافت أصوات الأبواق و ثرثرة المحرکات یری المکان لم یعد مناسبًا للصید. ومع کل ذلک تذکر بحزن عمیق أنه داهم میاه البحر مرارًا باحثًا عن اللؤلؤ فی الحفر والفجوات القابعة فی جوف الماء و لکن بحثه کان دون جدوی.
لم یتحدد الأمر بذلک فهو کلما یسحب شبکته لا تدرّ علیه إلا بقلیل من السمک الناعم و عدد من السمک الجرّی و کومة من الحصى لا غیر! و مع ذلک لا یمکنه الاستسلام. هذا ما توحیه إلیه نظرات خیریة المضطربة بما فیها من توهج یبعث لهیبه من وراء خمار وجهها. و هذا یخبره به قرقعة حجل قدم خیریة وهو یعزف ألحانه علی أوتار قلب لفتة بترانیم تقول: قادمة أنا، قادمة أنا.. هذا ما کان یهتف به قارب لفتة المتهرئ من فعل صراعاته مع الأمواج دون أن یکون للفتة عائدًا من ذلک.
نهض لفتة و دفع قاربه نحو الأمواج و هی بین تقدم و تراجع. راح یضرب بمجدافه صفح المیاه. کان قد تناهی إلیه أنه فیما وراء رصیف السفن.. فی مکان بعید عن هذا الساحل المأهول، هنالک بقعة هادئة غیر متلاطمة الأمواج قد تکون حصیلة الصید فیه أفضل. حدث نفسه: «لابد أن أقصد ذلک المکان و أستطلع وضعه لعلی انشر شبکتی هنالک غدًا. ارتأی و هو یجذف أن ینسی کلّ شیء، أراد أن لا یفکر بشیء، لا بالشبکة التی نشرها عند الساحل المزدحم و لا بتلک الفسحة الهادئة الزرقاء التی یجذف متقدمًا نحوها.. کانت خیریة والأصداف ذات اللئالئ البیضاء اللامعة شغله الشاغل وهکذا لؤلؤتان سوداویتان ترصعان قرطین تزین بهما خیریة أذنیها.
کأن النسیم الذی کان یهب برفق متعطرًا برائحة البحر والملح حمل معه الی مخیلة لفتة أوهامًا بعیدة آخذًا بمداعبة شعر رأس لفتة المتشعث فیبعثره. بینما کانت الریح تلتفّ فی دشداشته و تسحب القارب معها. کل شیء إنزاح عن بال لفتة و غاب، إلا حلم «خیریة». أودع لفتة مقالید قلبه لأحلامه البعیدة المنال.
أرسی لفتة قاربه عند الساحل المهجور فجلس علی الرمال المتدفئة بحرارة الشمس لیأخذ قسطًا یسیرًا من الراحة. وضع رأسه علی رکبتیه و انشغل بالإنتظار. امتلأ تمامًا بالذکریات و الرؤى و الأحلام و الأمنیات و الطموحات و التصورات البعیدة. أخذ یفکر من جدید بالبحر و بالفجوات التی تمتلأ عند الجزر بأصداف کبیرة ملیئة بلئالئ لامعة و بتلألؤ المرجان الأحمر فی قاع المیاه الضحلة الوضاءة حیث یضفی الضوء لون الزنجفر على المرجان .. ذلک المشهد الذی یسرّ لفتة النظر إلیه.
بدأ لفتة یفکر بأعماق البحر حیث لم یعد هنالک شیء سوى البرد و الظلام. یفکّر بذلک المکان الذی هاجسه مرارًا لیغوص فیه لعله یحصل على ما جعل بدء حیاته مع خیریة رهنًا به.. لابد له أن یجازف بذلک یومًا ما. لا مفر من ذلک الإقدام!
إرتعد لفتة لشعور غامض یتراوح بین الحسرة والخوف، لشعور ینتهی أخیرًا بإقدام قسری یتأتى من إضطرار بحت. لکن بالنسبة له وهو ابن البحر، و بالنسبة له هو الذی قضى حیاته مع البحر لم یکن الغوص فی المیاه مرًا أو صعبًا و إن کان عن اضطرار. إنّ ما کان یعذّب لفتة هو إجتناب خیریة حیث کانت فی کل مرة تقف أمامه على بعد عشرة خطوات و تحدّق فی عینیه من وراء خمارها الأسود ناقلة إلیه کل ما تعتلجه من هواجس و الریح تجتاح لباسها فتهز جسمها النحیف حیث ینتبه لفتة لبکائها من اهتزاز کتفیها. و لکن لأی مصاب و مأتم تبکی خیریة هکذا بهدوء؟ لم یکن یعرف لفتة السبب إلا أن ذلک کان ینهکه و یجرده من شجاعته و یسلبه جرأته. مع أن خیریة کانت تتراجع خطوة کلما کان هو یتقدم نحوها بخطوة. کان قد سألها من مسافة عشر أقدام: «لم البکاء»؟ الا أن خیریة لم تجیبه. ولکنه تنبه للجواب دون سماعه أی رد! آه إنه ألم لا شفاء منه، لعبة المسافات و الفواصل، لعبة السکوت هذه!
لا زالت نفس لفتة تنهک فی تردید بین البقاء و الذهاب حتى شعر بشیء یتموّج فی الهواء و یتناثر على رأسه و وجهه. شیء لا تراه العین ولکن المشاعر تلتفت لوجوده، شیء لا یمکن وصفه رغم وجوده! شعر أن صوتًا ما یدعوه إلیه. رفع رأسه. أجال نظره حوله. لیس هنالک من شیء تغیر.. البحر هو نفس البحر. و جلامید الساحل الکبیرة مازالت صخورًا.. ثم على مقربة من الساحل المملح صف الأشجار وأعواد القصب المرتفعة فی المستنقعات على نفس الحال. رغم أن لفتة الیوم و لأول مرة تطأ قدماه هذا الساحل المهجور البعید عن الضوضاء و مع ذلک کان یشعر بأن کل شیء على حاله السابقة ماعدا هذا المسحوق الذهبی المبثوث فی کل مکان و على کل شیء. کأن کل شیء إنتعش بما أفضته علیه شمس الخریف بأشعتها الذهبیة. فبدا لون البحر أکثر إزرقاقًا و حیثما تنظر إلى انکسار صورة الغمام المتعانقة فی المیاه تجد المیاه إصطبغت بلون فضی رائع یختلقه إمتزاج بیاض الغیوم و زرقة المیاه. کانت الأمواج تتضافر أحیانًا وتتقدم کأنها سلسلة جبال ثم تتراجع متراقصة بوتیرة متناوبة متناسقة. ومع کل تقدم وتراجع یمتلئ الساحل بمحاریات بیضاء تلمع تحت ضوء الشمس. کأن شعورًا أثیریًا کان یغمر المیاه و الأرض فیقلب جمیع القوانین و جمیع العادات بما فیها عادة المشاهدة. فلم تبدو المیاه و الأرض کالسابق. عندئذ أصبح لتقدم الموج و تراجعه مفهوم آخر إستوعبه لفتة بلهفة. لم تکن توقعات لفتة فی تلک الساعة من النهار کمثل توقعاته البسیطة العادیة. هاهو الجالس على أمل نشر شبکة وهمیة فی ذلک المکان متطلعًا إلى أقصى ما یتناهى إلیه البصر من البحر، یرى فجأَة خلف تل مائی شیئًا حبس أنفاسه.
رأى الموج یرتغی فجأة و یموج فی حرکة لولبیة جنونیة. ملأ الریح دشداشة لفتة و بعثر شعره الأسود. قام لفتة وتقدم عدة خطوات ثم ظلل عینیه بیدیه لیتسنى له أن یرى بوضوح أکبر ولکنه لم یصدق ما رآه.. هل هذه هی خیریة تنبعث من خلف التل المائی؟ إنها خیریة! هی نفسها! هاهی تتقدم وضفیرتاها تتناغمان مع المیاه المتقدمة حتى الساحل و المتناثرة لدیه، وتسایرانها فی حرکتها الموجیة. کانت تفتح ذراعیها على جانبی جسمها غیر المرئی لتحتضن بهما الموج وهی تتقدم نحوه حتى أصبح یراها بوضوح.. رأس و رقبة و ذراعان ممتدان على جانبی جسم دون مظهر، یجدفان المیاه و یزحفان الى الأمام. کان لفتة یحدق فیها.. کانت خیریة. و قد أضاءت وجهها ابتسامة حزینة باهتة و رغم أنه بدا على قدر من الاصفرار و الذبول بفعل نداوة الماء و برودته، کانت تلک الابتسامة العلامة الوحیدة لشعورها بالرضا وفیما سوى ذلک کل ما کان یستشف عن نظراتها على مسافة العدة خطوات بینهما هو القلق لا غیر. فکر لفتة فی نفسه: «إنها خیریة بوجهها ولکن لا بحیائها، ولا بضفائرها المرسلَة و هیاجها و ضحکتها! إنها لیست على مثل هذه الصلافة!».. راح یراود نفسه: «لم ننفرد ببعض حتى الآن، لم ألتق خیریة بمثل هذه الحالة. ربما تکون هی».
کانت خیریة حبه المر الذی ارتضى فی ظله لفتة بنظرات حزینة.. نظرات ترمقه من وراء خمار! إنه لم یجرب حتى التحدث معها بمنحى عادی، و مع کل ذلک کان الذی یتقدم نحو لفتة، محتضنًا الأمواج المتراجعة، هی «خیریة» متلهفة مترقبة. لیتها لم تکن هی.
شعر لفتة لکم هو مرّ وما أحلاه هذا اللقاء! مرّ و حلو فی نفس الوقت کثمار النخیل التی تقتطف قبل موعد نضجها لتبرح الذائقة فی حیرة ضیافة صغیرة. فکیف یا ترى یتناول المرء فاکهة فجة و یضعها فی فمه؟!
و تحت وطأة الاضطرار همّ لفتة بأن یقطف تلک الثمرة و یضعها فی فمه، أقحم نفسه فی البحر لیحدق فی تلک الفرصة الفریدة فی أعماق عینی الفتاة کی یجرح روعَة حبه بتلک النشوة. کان لفتة قد ذهب و حدّق فی حمم نظرات الفتاة.. و کان قد شاهد فیها شیئًا غریبًا جعله یفر عائدًا أدراجه کالمخبول. لم یتنبه لکم هام على وجهه فی البحر إلا عندما وصل الساحل متقطع الأنفاس مرهقًا أیما إرهاق.
بعد هنیهة، التفت الفتاة بتل مائی وعادت إلى أعماق البحر الخفیة. اما من وجهة نظر لفتةَ لم یکن ما شاهده إلا أمواجًا هائجة رائغة.. کأنّ عروق لفتة شهدت سریان نار سائلة تجری فیها.. ألم غریب انقض على کیانه لادواء له سواه.. هذا الألم الحلو المر وما تسببه من عذاب إنما هو خوف لفتة من غموض الحب.
قام لفتة بوهن وخمول، متألمًا معتلًا، ضائقًا ذرعًا بالماء و المجذاف. تقدم نحو القارب. کان علیه أن یذهب إلی الساحل المأهول وینتشل شبکته من الماء.. إنصرف عائدًا أدراجه.
رأى لفتة السماء فی الآفاق البعیدة تفرغ من أشعة الشمس الأخیرة والظلام یزحف هابطًا مبتلعًا صورة الأشیاء.. رأى الزوبعات الصغیرة تلتف حول بعضها فی أقاصی البحر بلهفة لا یعرف کنهها لتعتلی بعضها و تغوص فی بعضها.. شعر أنه صار منذ اللحظة على ارتباط وثیق وحمیم مع تلک الأقاصی. حتى لو کانت الفتاة تروم إغراقه و قد همت القضاء علیه، مع کل هذا لابد له ان یفکر بان ما رآه کان تخیلًا فحسب، فتاة خیالیة بمثل وجه خیریة. هذا و لا غیر. عندئذ راح یجذف نحو الساحل بیأس مریر. کان لابد له أن یسحب شبکته قبل حلول الظلام تمامًا لیحمل عائدها إلى البیت.
لملم لفتة الشبکة بحزن لا متناهی و سحبها و ألقى ما إجتمع فی قعر الشبکة فی أرضیة القارب. کل ما کان نصیب لفتة من تفاهات البحر فی هذه المرّة: ثلاث أو أربع سمکات صغیرات و عبوات و قنانی خاویة و قلیل من الحصى. و لکن ما أثار دهشة لفتة صدفة تعلقت بغرزة من نسیج الشبکة.. صدفة شفافة ومثیرة، صدفة مغلقة.. التقط لفتة الصدفة وأودعها راحة یده وهو یضغط علیها بابتهاج.
أراد أن یثق بأنه لا یحلم.. لا یتخیل.. کانت تلک الصدفة الصلبة تقبع بثبات فی راحة یده تشبه فی تلک الساعات التی تشهد مغیب الشمس بقطرة بیضاء کبیرة سقطت فی راحته. قرر بادئًا أن یفتح الصدفة بوخزة سکین و لکن، سرعان ما ندم. و لماذا یفعل ذلک؟ لقد أهدته الفتاة الصدفة. ماذا یصنع لو یفتحها فلا یجد فیها غیر کتلة لزجة من جسم حیوان صغیر؟ حتى تصوّر هذا الموقف کان یشعره بیأس قاتل. أنه تصور یسلبه حتى القدرة على الوقوف و یمتص قوة بصره. و کیف یکون ذلک؟! فتلک الصدفة، إلى جانب هذا، کانت الذکرى الوحیدة لذلک اللقاء.. کنز ضخم فی راحة یده و لکنه بعید عن متناوله.. کنز مخفی لم یطلع أحد على وجوده.. سرّ تکاد الدنیا تقوم و لا تقعد عند الکشف عنه. جعله ذلک یلقی الصدفة کأی شیء ممنوع فی المخلاة المعلقة بکتفه و راح یجذف.. یجذف فی هذه المرّة بشعور جدید.. شعور الأرض عند نماء حبة صغیرة فی أرجائها بعیدًا عن الأنظار.. شعر بأنه لیس انسانًا واحدًا بل اثنان، انه یحمل فی ثنایا قلبه من الکلام ما یکون لشخصین اثنین.
أخذ لفتة یمخر عنان المیاه ومحیاه ینم بذبوله عن إرهاقه حتى خلّف وراءه أصوات إنذارات المرکبات البحریة ومحرکات السفن الکبیرة ثم وصل إلى الساحل.
إنه کان یرى کیف تضیء مصابیح أکواخ الساحل الواحد منها تلو الآخر فی حلکة اللیل. و بین صف تلک المصابیح، أحدها کان معلقًا على عتبة کوخه و آخر على مسافة عشر خطوات منه یضیء کوخ خیریة.
کانت نسمات اللیل تهبّ من أقاصی البحر فتزیح شعر لفتة عن جبهته المحمومة. أرسى لفتة قاربه وعلّق السمکات بالمسامیر الخشبیة الطویلة وتوجه نحو داره بترهل و انبهار. کان یتقدم نحو داره و ومیض صغیر من الأمل یضیء له طریقة فی ظلام اللیل، أمل جاءه بامتلاک صدفة مغلقة لا یعرف ماذا تضم بین جانبیها إلا أنها هدیة قدّمتها الفتاة البحریة للفتة.