قصة قصیرة

المصور / بهرام صادقی

المصور / بهرام صادقی
ولد هذا القاص عام 1936 فی مدینة نجف آباد التابعة لمحافظة أصفهان و أکمل دراسته الثانویة فیها. حط رحاله فی طهران لیدرس فی کلیة الطب و لیتخرج طبیبا.
دوشنبه ۲۷ ارديبهشت ۱۴۰۰ - ۱۳:۰۴
کد خبر :  ۱۳۹۲۱۸

 

 

 

 

 

 

المصور

 

بهرام صادقی

  تعریب: جمال کاظم

 

 کتب صادقی أشهر قصصه بین سنی العشرین و الثلاثین من العمر و تلکأ بعدها فی الکتابة الى أن إعتزلها. لم ینشر هذا القاص سوى کتابین و مع هذا إعتبره النقاد أکبر کاتب قصة قصیرة و صاحب أسلوب قصصی ممیز فی إیران.

تتمیز قصص هذا الکاتب بالطابع النفسی و مواضیع تخص الحالات الروحیة للإنسان المعاصر المنفی الى جسد المدن الصاخبة. توفی صادقی فی 1982 و هو لم یتجاوز الثامنة و الاربعین من العمر. عنوان کتابیه هما الملکوت(قصة طویلة) و المواقع و الزمزمیات العطشة.

 

 

شیء غیر مرئی یشبه الید، لا أراه الا انی أحس به

و أدرکه، یدفعنی ذات الیمین و ذات الشمال.

أنظر الیّ، إرفع راسک قلیلاً، إرخی حاجبیک، ابتسم، وجّه نظراتک إلى عدسة الکامیرا. سأعدّ إلى الرقم ثلاثة، انتبه، لاتتحرک کی لا تتشوه الصورة، جاهز؛ واحد، اثنین، ثلاثة ...

٭٭

بعد لیلتین، کان یرتقی سلالم الأستودیو کی یستلم صورته. ممسکًا بیده الوصل الذی استلمه من المصور. تذکر کیف أن المصور سأله قبل لیلتین:

  • اسم جنابکم؟

فذکر له اسمه.

  • الحجم الطبیعی4 فی6 ؟ و هل یلزمک حجم بطاقات المعایدات؟

فأجابه:

  • واحدة... کنموذج.
  • اذن غدًا مساءًا ستکون جاهزة... الساعة الثامنة.

و قبل أن یفتح الباب، نظر إلى ساعته، کانت تشیر إلى أن الوقت تجاوز الثامنة، تمتم مع نفسه:

  • الآن ستکون جاهزة حتمًا.

مساعد المصور الذی کان جالسًا خلف طاولة المکتب، وقف مرحبًا به. و بعد أ رد على سلامه جلس على أحد الکراسی و نظر إلى العامل الذی لا یعرفه، ثم قال:

  • یبدوا أنه غیر موجود؟
  • کلا، کلا.. کان هنا قبل قلیل.
  • هذا الوصل...

أخرج الوصل من جیبه و وضعه على الطاولة، نظر مساعد المصور إلى الوصل و هزّ رأسه باحترام قائلاً: بالضبط یا سیدی، إنه تاریخ اللیلة... و لکن علیک أن تنتظر قلیلاً، سیعود قریبًا.

أراد أن یجیبه «وراءنا عمل و حیاة» غیر أنه اکتفى بالقول «عمل و حیاة» ثم استرخى على الکرسی. کان العامل یعلم أنه ترک عمله و حیاته لیأتی و یأخذ الصورة و قد انزعج حینما رأى المصور غیر موجود. لیس فی یده حیلة و لیس أمامه سوى أن یشغل نفسه بتصفح الألبوم الملقى أمامه... ثم سأل المساعد:

  • الا یأتی؟
  • لماذا لا یأتی؟ الساعة...

بعد ذلک التفت لمشاهدة الصور المعلقة على الحائط.

***

بعد مرور ربع ساعة، وصل المصور و الذی بدأ بالحدیث و لمّا یصل:

  • أهلاً و سهلاً، مرحبًا بک یا سیدی.

ثم وجه کلامه إلى معاونه:

  • هل وصل السید منذ وقت بعید؟ ثم قال له ستستلم صورک حالاً.

نهض المصور من کرسیه و توجّه نحو الطاولة واضعًا یدیه على حافتها. أخرج المصور الصور من ورشته.

  • هذه الصور ألیست کذلک؟ نعم هی بذاتها.

مدّ یده و أخذ الصور. لاحظها قلیلا و قال:

  • لیست هی. لقد أخطأت.
  • کیف؟ ماذا تفضلت...
  • لقد أخطأت، فأنا من دون شارب، و صاحب الصور هذه لدیه شارب... کما أننی لا أضع قبعة على رأسی.

تناول المصور الصور بسرعة، نظر إلیها بتمعن ثم نظر إلى الرجل و قال:

  • عجیب... و لکنه یشبهک تماماً.
  • یشبه؟ یشبه، ما بمقدوری أن أقول.. إنه أمر لا یمکنی أن أفهمه.

انتابت المصور الحیرة برهة من الوقت -وکان معاونه قد ترک المکان منذ مدة- (فلم یکن یدری ما علیه أن یعمله، فوجد أن من الأفضل له هو الخروج). دخل المصور الورشة ثم أخرج حزمة من الصور. نثرها على الطاولة و خلال بحثه کان یتمتم:

  • لیست هذه.

إنها صورة بنت.

  • و هذه کذلک. لیست هی.

فهی تعود لامرأة.

و هذه أیضًا. لأنها تعود لطفل.

  • هذه؟

نظر إلى الصورة. ثم نظر الیه:

  • هذه تشبهک جدًا. الا إنه لیس لدیه شارب...

اقترب منه ثم قال:

  • دعنی أرى... لیس لدیه قبعة...

ثم أضاف: «یشبهک جدًا» ماذا یعنی ذلک؟ کیف لی أن أعرف بأن هذه الصورة تعود لی؟ فإنی لا أرى وجهی و لا أذکر کیف هو. ألا تملکون ترتیبًا و نظامًا کی لا تختلط الصور مع بعضها البعض؟ ألا تضعون أرقامًا علیها؟

  • نعم... نحن نضع أرقامًا لها، و لدینا نظامًا و ترتیبًا و لکن ما الذی بوسعنا عمله مع المبتدئین. فمعاونی هو سبّب لی کل هذه الاشکالات، فهو خلطها مع بعضها. فمثلا لاحظ، توجد ثلاثة مجامیع من الصور تحمل رقم وصلک. یالحظی السیء؛ فی نهایة عمری یکون نصیبی مثل هذا المعاون، کأنه قادم من خلف الجبل... لا یتعلم و لا یدرک الأمور بیسر.
  • و لکن ما مصیری؟ و إلى متى علیّ المکوث هنا أیها المصور؟

بحث المصور مجددًا فی مجامیع الصور المتناثرة أمامه.

  • و هذه أیضًا لیست هی. هی صورة لإحدى الأبنیة التاریخیة.
  • آه... انها هی بعینها.

و بعد أن التقط الصورة منه قال:

  • کیف تقول إنها هی؟ لا یوجد شیء فیها یشبهنی. هل کانت سترتی بهذا الشکل؟

و بعد أن نفذ صبره جلس المصور ثم قال:

  • لم یعد الأمر یتعلق بنا، قد تکون ملابسک هی التی جئت بها إلینا قبل یومین، و الیوم ارتدیت غیرها.
  • مستحیل.

نهض المصور من جدید. و بعد أن رفع کتفیه قال:

  • لم یعد لدینا صور أخرى غیرها، فهی إحدى هذه الصور...
  • اما الزبون فکان یواصل الضغظ على أسنانه. و بعد أن هدأ قلیلاً. قال: إنها لیست صورتی. عددها 6 و حجمها 4 فی 6 و معها صورة بحجم بطاقة معایدة. لقد استلمت ثمنها و علیک أن تسلمها لی .

أما المصور فقد وضع أمامه ثلاثة مجامیع من الصور.

  • انها لک یا سیدی، هدیة لکم، و لا داعی للغضب. و الله أنا نفسی لم أعد أفهم ما یجری. فالأشکال الثلاثة تعود لک، الأولى بالشارب و القبعة و الثانیة بالشارب بلا قبعة و الثالثة بلا شارب و لا قبعة. فانتخب منها ما تحب.
  • ما أحب؟ و ما علاقة الحب؟ أیها السید المحترم؛ أیها المصور إما أنک قد فقدت عقلک أو أنک تسخر منی؟ أ لا تعمل من أجل أن تعیش، أ لم یکن لدیک زبائن؟ ألا ترید أن یکون لک شغلا و حیاة؟ قل لی بربک؛ فی أی مکان من هذا العالم عندما یذهب المرء لاستلام صوره، یضعون أمامه ثلاثة أنواع من الصور، و یسخرون منه بالقول؛ إنها جمیعها تعود له و علیه أن یختار ما یحب؟ قبل یومین التقطت لی صورة، هل کنت أعمى؟ لم یکن لی شارب و لا قبعة و لم تکن سترتی بهذا الشکل.

طفح الکیل بالمصور. بدأ یفرک یدیه و حاول أن یضبط أعصابه و أجاب بهدوء و تأنی:

  • هذا صحیح تمامًا. کلام منطقی أتفق معه تمامًا. أقسم لک أن کل ذلک سببه ذلک المعاون المخرف الأحمق الذی خلط الأرقام، و إلا کنت قد سلمتک الصور من دون أی تأخیر و من دون الحاجة إلى کل هذا الجدال و لکننی فی ذات الوقت متعجب من أمر هذه الصور الثلاث التی تشبهک تمامًا. کأنها أنت نفسک. و لم أعد أعرف هل تعود لک، أم إلى شخص آخر یشبهک... و لا أدری أین تکون صورتک الأصلیة.. أین تکون... و لکن کیف لک أن لا تمیّز ملامحک؟
  • و هل تمیّزها أنت حتى أمیّزها أنا؟
  • لم لا أمیّز! بمقدورک أن تعرض علی أی صورة لی لأی زمان کان، سأقول لک فورًا ان کانت تعود لی، أم لا... أنا متعجب..
  • أنت متعجب؟ و هل من الضروری أن یمیّز الناس جمیعًا على صورهم؟ أنت مصور و هذا عملک. أیة دجاجة یمکنها أن تمیّز بیضها؟ هکذا یخدعون الناس... یشغلونهم لعدة أیام و یعطلونهم عن أعمالهم و شؤون حیاتهم، بعدها یجیبونهم بمثل هذه الإجابات.

کاد المصور أن یجهش بالبکاء. أخرج مرآة من جیبه و قدمها له قائلاً:

  • هذا العمل لیس صعبًا. أُنظر، أُنظر هل تشبه الصور، أم لا؟

أمسک المرآة و نظر فیها، و هو ممسک بالمرآة جلس على الکرسی و بدأ یتمتم بمرارة.

فجأة أعاد المرآة إلى المصور ثم مسک رأسه بیدیه ضاغطًا علیه.

سأل المصور بهدوء:

  • أ رأیت؟

نهض و تقدم من الطاولة، تناول الصور بیدیه و نظر الیها ثم أعطاها للمصور.

قال المصور:

إن جلست قلیلا سیأتی أصحاب الصور جمیعهم. و لن یکون الأمر سیئًا إن تعرفت على من یحمل ملامحک ذاتها.

ذهب نحو الباب قائلا:

  • کل هذا احتیال، أیة صورة هذه! الصور لاتعود لی و لا أحد یدری ما الذی حل بصوری الحقیقیة. من المحتمل أن لایکون قد التقط لی صورة أصلاً. و یالـبؤسکم على مثل هذه الصور التی تلتقطونها. و بعد أن أصبح خارج الاستودیو کان المصور یدور فی الغرفة کالمجانین.

یا إلهی، سیدفعنی ذلک إلى الجنون، کیف لم یعرف نفسه؟ و کیف أن الصور کانت جمیعها تشبهه؟ کنت على وشک أن أرمی بنفسی من النافذة إلى الأسفل.

دخل معاونه.

  • هل أخذ الرجل صوره؟ لقد شاهدته یدخل الاستودیو المجاور.
برچسب ها: بهرام صادقی

ارسال نظر