قصة قصیرة

صور فوریة / جیستا یثربی

صور فوریة / جیستا یثربی
ولدت فی طهران(1968)،‌ تکتب الشعروالقصة‌ القصیرة و المسرحیة‌ و النقد،‌ تعمل فی الاخراج المسرحی، و تدرّس فی الجامعة. تحضّر للدکتوراه فی علم النفس. نشرت اکثر من ثلاثین کتاباً و قد فازت بجوائز تقدیریة‌ فی مجال نشاطاتها المتعددة‌. من کتبها: سبع نجوم،‌ سبعة‌ شعراء، السلام علی المستحیل و...
شنبه ۲۳ اسفند ۱۳۹۹ - ۱۴:۳۳
کد خبر :  ۱۳۷۸۵۳

 

 

 

 

 

صور فوریة

   

 جیستا یثربی

 تعریب: موسی‌ بیدج

 

   فی معهد تعلیم الرسم، کانوا قد طلبوا من الطفلة صوراً. سوّت الأم شعر أبنتها و صنعت لها ظفائر رفیعة کذیل الفأ‌ر و شدّتها بشریط کان نهایته علی شکل رأس ارنب. مسکت بیدها و خرجت الی الشارع القریب حیث کان محل للتصویر الفوتوغرافی.

        اجلس المصور الطفلة علی مقعد مرتفع و طلب منها ان تنظر الی صورة الطیر التی امامها. و أوصاها ان لا ترمش و خرج من الغرفة. اتکأت الام علی الباب و بعد لحظات شعّ بریق اضاء الغرفة و خفت بسرعة. عاد المصور و قال ان عمله قد انتهی. سألت الام کم یطول تحضیر الصور قال لها:

      ـ عشر دقائق  فقط.      

بعد عشر دقائق استلمت الام الظرف و فتحته. لکنها لم تر شیئاً فقد کانت بیضاء تماماً، أدخلا الطفلة الی الغرفة ثانیةً. تکرر ضوء الفلاش. انتظروا عشر دقائق اخری. لکن الصورة الثانیة کذلک لم تکن تعکس شیئاً إلا مساحة من البیاض.

قالت الامّ: لعل الکامیرا فیها عطلّ؟ قال المصور اجلسی انتِ لنری. جلست الامّ  شعّ الفلاش و اضاء وجهها. بعد عشر دقائق کانت صورة الام جاهزةً لا نقص فیها. قال المصور:

ـ لا أدری لم لاتنطبع صورة ابنتکِ. لم یحدث هذا معی من قبل. هل التقطت لها صوراً قبل هذه المرة؟

لم تجب الام احکمت ذیل الفأر و ادخلت ابنتها الی غرفة التصویر. شعّ الفلاش انتظروا عشرة دقائق ولکن الصورة الثالثة کانت بیضاء ایضاً و الرابعة کذلک... ارتعبت الام و قالت للمصور:

ـ یکفی، حتماً فی جهازک خلل!

قال المصور:

ـ لکن الجهاز سلیمٌ‌.

مسکت الام ید ابنتها بعصبیة و خرجت من محل التصویر. و اتجهت الی معهد الرسم، قالت المربیة مبتسمة:

ـ هل أتیتم بالصور؟

اجابت الام :

ـ لا. لم تهیّأ.

قالت المربیة:

ـ لا یهم. حالیاً صورة عن البطاقة الشخصیة تکفی!

أخرجت الأم بطاقة ابنتها من الحقیبة قالت:

ـ لکننی لم أهیء صورة عنها.

قالت المربیة:

حسناً. لدینا جهاز استنساخ هنا.

اخذت البطاقة منها و اتجهت نحو الجهاز سائلة‌ً:

ـ هل هذه المرة الاولی تأتین بها الی المعهد؟

قالت الام:

ـ نعم. فقد بلغت الثالثة من عمرها تواً.

قالت المربیة تخاطب الطفلة و الابتسامة علی شفتیها: اهلاً بکِ یا عزیزتی.  ولکن لم تقولی لی مااسمک؟

کانت الطفلة صامتةً و کانت عیناها تشبه عین الارنب المرسوم علی شریط ظفیرتها. عینان سوداوان لا حرکة فیهما.

قالت الأم: انها خجولة قلیلاً إسمها سحر...

نظرت المربیة الی بطاقة سحر. تأملتها للحظات ثم تصفحتها و امعنت النظر فیها ثانیة کانت کمن اصابه الدوار قالت منزعجةً:

ـ هل هذه البطاقة لإبنتک؟

اجابت الام واثقةً:

ـ نعم...

رمقت المربیة التی اعتلاها الشحوب الام بنظرة و الابنة‌ بأخری. و قالت:

ـ ولکن یا سیدتی هنا قد کُتب... أعنی لعله ناتج عن خطأ... فقد کتب انها قد توفت منذ ثلاث‌ سنوات...و هی  فی الشهر السابع من عمرها...

مسدّت الام شعر ابنتها الفاحم و لاطفت شریط ظفیرتها الشبیه برأس الارنب. حدجت المربیة بنظرة واثقة و قالت:

ـ نعم ولکنها ترسم ببراعة!

أخذت الام ورقةً بیضاء و وضعتها امام ابنتها وأعطتها قلماً و قالت:

ـ‌ ارسمی یا سحر!

کانت المربیة‌ تنظر بحیرة و اندهاش. اخذت البنت الصغیرة القلم من امها بصمت و بدأت ترسم علی الورقة البیضاء. بعد لحظات وضعت القلم جانباً. مسکت الام الورقة امام عیون المربیة و کانت علی شفاهها ابتسامة تفشی بالغرور؟ کانت سحر قد رسمت صورة طفلة. وضعت لها بدل العیون نقطتین سوداوین و أنفاً‌ و شفتین صغیرتین. کان شعرها مقصوصاً‌ من علی الجبین و علی رأسها شریط ینتهی بشکل ارنب.

کانت البنت الصغیرة المرسومة علی الورقة تعلوها ابتسامةٌ ممزوجة بالغرور تشبه تماماً تلک الابتسامة المرسومة عل‍ی شفاه الام...                            

 

 

 

برچسب ها: جیستا یثربی

ارسال نظر