قصة قصیرة

شروط الزواج / کیومرث صابری

شروط الزواج / کیومرث صابری
کیومرث صابری (گل آقا) "السید الوردة" أشهر کتاب الفکاهة السیاسیة المعاصرین فی إیران. ولد عام 1942م فی احدى قرى صومعة سرا شمال البلاد. بدأ منذ الثامنة عشرة عمله کمعلم والتحق بالجامعة فرع العلوم السیاسیة سنة 1961م. فی عام 1966م بدأ ینشر قصائد ساخرة یوقعها بلقب "مکسور الرقبة الفومنی" نسبة الى فومن المنطقة التی ینحدر منها. حقق له عموده الساخر (دو کلمة حرف حساب) "کلمتان لوجه الحق" فی صحیفة (اطلاعات) شهرة واسعة وقد جمع بعد ذلک لیکوّن أربعة مجلدات. کان یؤکد أنه لا یتحیّز لأی تیار سیاسی ویحاول التعاطی مع الجماهیر والثورة بصدق. أسس مؤسسة "گل آقا" الثقافیة ذائعة الصیت والتی أصدرت أسبوعیة "گل آقا" و "گل آقا یا أطفال". توفی فی الأول من آیار 2004م.
شنبه ۱۶ اسفند ۱۳۹۹ - ۱۳:۵۲
کد خبر :  ۱۳۷۶۳۲

 

 

شروط الزواج

تعریب: حیدر نجف

 


حینما خرجت من الدائرة, بدأ الثلج ینهمر حبة حبة. حینما وصلت إلى الرصیف, کانت الأرض قد اکتست ثوب البیاض على مد البصر. رفعت یاقة معطفی, وأخذت الطریق أمامی. لایزال أمامنا من الشتاء الکثیر. قلت لنفسی إذا استمر البرد هکذا, فسوف نرى الویل حتى آخر الشتاء.

حینما دخلت البیت, شاهدت والدتی فی الباحة تجمع الغسیل عن الحبل . منذ عدة أعوام , وأنا أمازحها عند هطول الثلج:

-أماه, جاءنا برد یقتل العجائز!
والیوم حینما هممت أن الهج بهذه العبارة, بادرت هی للقول:
یبدو أنه برد یقتل العزّاب, ألیس کذلک ؟...

لم یکن فی بیتنا عازب غیری. أطلقت الوالدة مزحتها بعد عدة سنوات! ذهبت مباشرة إلى غرفتی. أوقدت المدفأة و رحت أتملى الصقیع من خلف النافذة . سئمت النظر للصقیع. فی عالم الأخیلة المجنحة, سافرت نحو فتیات الأقارب:

- زری؟ سیمین؟ عذراء؟ مهوش؟ بروین؟...
على فکرة, ربما جالت فتاة فی خاطر أمی, دفعتها لمزحتها هذه...
نیران فتیات الأقارب لم تسخِّن لنا قدح الماء. فی عالم الأخیلة المجنحة أیضا هششت بعصای على غربان فتیات المحلة:

- سوسن؟ مهری؟ مرضیة؟ ابنة کربلائی تقی؟ ابنة جم بناه؟ ابنة...؟
لو لم تدخل و الدتی الغرفة, لما علم إلا الله کم کنت سأسافر مع هذه الأوهام. قالت وهی تدفئ یدیها:

-قل لی , ما رأیک فی زینب, ها؟ ابنة آقا بالاخان ؟...!
یقولون أن القلوب سواق تلتقی. و لکن ثبت لی یومذاک أن الأدمغة أیضاً سواقٍ تلتقی...

یبدو أن والدتی شعرت أنی أفکر بهن...
قلت لها: اسمعی یا أماه, لحد الآن لم أقل أی شیء. ومن الآن فصاعداً لک أن تفعلی ما تشائین... و لکن بالله علیک لا تلقی بنا فی بئر؟
قالت: أبی بئر یا ولد... أنا التی ابیضت جدائلی فی هذه المحلة, لا أعرف بناتها؟ ابنة أقا بالا خان أنسبهن لک. کلما رأیتها فی الزقاق تخیلت یداها فی یدک . لقد خلقتما لبعضکما!
-لا اعتراض لدی. ولکن ماذا عن والدها؟ هل یزوج أقا بالاخان ابنته لموظف مسکین مثلی؟

- و لم لا؟... إنها ابنة آقا بالا خان على کل حال لیست ابنة السلطان – و لکن آقا بالا خان لیس بالقلیل. أولاً هو (آقا) (1) و ثانیاً(بالا) (2) وثالثاً (خان) (3)... ألیس ثریاً.. ماذا یعوزه إذن؟
لا داعی للتفکیر فی هذه الأمور . دعنی أتصرف أنا ... هل أذهب ؟


- نعم, اذهبی و أعدی لنا الغداء... أنا جائع جداً!!
- أذهب لأعد الغداء؟
- نعم ماذا إذن ؟
- أردتُ أن أذهب لبیت آقا بالا خان لأتحدث فی الأمر مع زوجته زرین(4) خانم!
- بهذه السرعة؟
- لیس بهذه السرعة طبعا... أنتظر حتى العصر و أذهب.
تریثت قلیلاً ثم قلت:
-حسنا, لا بأس!
انصرفت أمی فرحة نحو أعداد الغداء. تمددت أنا على السریر لأفکر فی زوجتی القادمة...
البرد یشتد لحظة بعد أخرى.. برودة السریر تستفزنی أکثر... حقاً کأنه البرد قاتل العزاب الذی تحدثت عنه أمی!

********

حینما عادت ٍأمی من بیت آقا بالا خان کان اللیل قد أرخى کل سدوله. و لکن حتى فی هذا الظلام, یمکن رؤیة فکها الأسفل ساقط لحاله و فمها فاغر من الوجوم.
- ها ما الخبر؟
وقفت فی الغرفة کأنها ملک الموت أو من شاهد ملک الموت.
- ألم أقل لک أن آقا بالا خان لیس قلیلا؟... ماذا قال ؟
قالت بصوت مرتجف:
لم یکن فی البیت, تحدثتُ مع زوجته ... وابنتها کانت أیضا.
-لم یوافقوا؟
-لا یمکن القول أنهم لم یوافقوا... ولکن قالوا یجب على العریس أن یغیر أصدقاءه

یرعى نفسه ومظهره أکثر, و یعود فی المساء باکرا إلى بیت, لیتعود على ذلک من الآن.
- ماذا قالوا أیضاً؟
سألوا هل عنده بیت و سیارة؟ قلت لهم: لدیه ماکینة حلاقة, و سیشتری السیارة لاحقاً إن شاء الله! و البیت أیضاًً یمکن التفکیر فیه. أودع مائتی ألف تومان فی المصرف لیضیف إلیها قریبا. و البیت أیضاً سیشتریه فیما بعد إنشاء الله!
- ثم ماذا ؟
قالوا ان شهادته الدراسیة جیدة لکن راتبه قلیل! و علیه أن یقدم قطعة ملک ضمن مهر العروس حتى لا یتحدث عنا الأقرباء بسوء.
- ثم ماذا؟
- ثم إن ابنتی لا تجید أعمال البیت, لذلک علیه أن یستأجر لها خادمة وخادماً!
- ثم ماذا؟
- ثم قالوا: فضلاً عن هذا أسمحوا لنا أن نفکر فی الأمر, و نتحدث مع والدها, و نعلمکم الجواب بعد ثلاثة أشهر...!
- ودعتهم و رجعت...
و أنا أیضا ودعت أمی و ذهبت لأقضی لیلتی مع الأصدقاء فی لهو الشباب حتى لا یبقى اللهو حسرةً فی النفس إذا تزوجت.
لم یخبرونا بشیء خلال الأشهر الثلاثة... کانت الأیام الأخیرة من مهلة قانونیة سبقت حکماً وزاریاً بنقلی إلى الجنوب. حینما کانت والدتی تحزم الأمتعة, أوصت أقدس خانم زوجة جیراننا مرتضى خان, أن تتصل فی رأس نهایة الأشهر الثلاثة بزرین خانم وتکتب لنا النتیجة.

***********

وصلتنا رسالة أقدس خانم و نحن فی الجنوب. علمتُ أن زوجة آقا بالا خان بعثت فی الیوم الأخیر من الشهر الثالث خبراً. (إذا لم یغیِّر العریس أصدقاءه فلا ضیر, و لکن علیه أن ینفذ باقی الشروط)
بعد أشهر وصلت رسالة أخرى تقول:
(قالت زوجة آقا بالا خان, لا ضیر إن لم یرع نفسه و مظهره, لکن علیه أن ینفذ سائر الشروط)
و بعد أشهر أخرى وصلت رسالة أخرى.
(لا مانع أن یعود متأخراً فی اللیل, و لکن لا یتأخر کثیراً فتبقى ابنتی لوحدها... و علیه طبعاً تنفیذ الشروط الأخرى!)
الوقت ینقضی بسرعة, بعد کل خمسة أو سته أشهر تصل رسالة من أقدس خانم تعلن عن إلغاء أحد الشروط السابقة:
زوجة آقا بالا خان جاءت لبیتنا بنفسها و قالت:
- لا داعی للسیارة أیضاً, لأن زحام الشوارع لا یشجع على اقتناء سیارة خاصة!... و لکن یجب أن ینفذ العریس باقی الشروط!
قالت لی زرین خانم فی الحمام: قال آقا بالا خان البارحة: لدینا بیت ولا ضرورة لأن یفکر فیه, لکنه یجب أن ینفذ سائر الشروط.
....آقا بالا خان و زوجته أخبرونی البارحة:
یمکن التنازل عن قطعة الملک فی مهر العروس, لکن الأمور الأخرى مهمة!
..الیوم رأیت زینب نفسها فی الزقاق, المسکینة تملکها الهزال بشدّة... قالت: أعیش حتى براتبه القلیل, و لکن لابد أن یستأجر لی خادماً و خادمة!...

***********

لا أدری بالضبط کم من السنین أنقضت, لکننی أعلم أن ابنة آقا بالاخان بلغت السن الذی تسمى من تبلغه (عانسا)
العوانس إذا کن واقعیات یجب أن لا یفکرن فی الزوج لکیلا تنقبض قلوبهن کلما رنُّ جرس البیت!...
شیئاً فشیئا, کدت أنسى الموضوع... خصوصاً و أن أقدس خانم قطعت رسائلها...
حیاتی کانت تجری فی سیاقها الطبیعی إلى أن وصلتنی ذات یوم رسالة لم یکن لی عهد بالخط الذی طرز بیاضها. فتحت المظروف على عجل. کُتب فیها:
(السید برهان بور)
بعد التحیة, وددت أن أخبرکم, لأجل استئناف قضیة زواجنا, لا حاجة حتى للخادم و الخادمة, لأننی طوال هذه الفترة أتقنت فی مدرسة بیتنا کل الأعمال المنزلیة من طبخ و خیاطة و تجمیل و حلاقة و تطریز, وحزت فیها على شهادة دبلوم.
(أنا بانتظار جوابکم, الجواب, الجواب الجواب .... زینب)
فی الیوم التالی, حینما أفرغ ساعی البرید صندوق حارتنا کانت رسالتی ذات الاسطر المعدودة من جملة ما فیه من رسائل. کتبت لها:
السیدة الفاضلة زینب خانم!
قرأت الرسالة التی بعثتها, لکننی لم أفهم بالضبط من الذی تقصدینه من (السید برهان بور)؟ إن کان قصدک أحمد برهان فهو یدرس حالیاً فی الصف الأول الابتدائی و لا شأن له بهذه الأمور, و أنا والده ... و لا أعزب غیره فی البیت!
أبلغی سلامی للوالد و الوالدة ... ( قربان علی برهان بور)
على فکرة نسیت القول أننی بعد شهرین من نقلی إلى الجنوب, تعرفت على فتاة شیرازیة سوداء الشعر و العینین, لم یکن لدیها أی تحفظ على أصدقائی أو مظهری أو تأخر عودتی إلى المنزل, و لم تطالب بمنزل و سیارة و راتب ضخم أو قطعة ملک لمهرها... فضلاً عن هذا کانت بارعة فی الطبخ و أعمال المنزل... و الأهم من کل هذا إن والدیها لم یکونا (آقا بالاخان) و(زرین خانم)

 

 

(1) بمعنى السید .

(2) بمعنى الأعلى أو الرفیع.

(3) بمعنى الإقطاعی.

(4) بمعنى: عسجد أو ذهب.

 

ارسال نظر